مناهج البحث في الجغرافية الاقتصادية
إن كلمة منهج تعني الصفة العامة للدراسة أو البحث فلاشك أن هناك أوجه اتفاق بين الجغرافيين وخاصة في الخطوط العريضة لموضوعات الجغرافية. إلا أن هناك أيضا أوجه تفاوت تتركز حول تابعية بعض الموضوعات أو الدراسة التفصيلية جدا للجغرافية كما أن هناك أوجه التفاوت في اختيار أنسب المناهج وطرق ووسائل البحث أو الدراسة بالإضافة الى التفاوت في تفصيلات تحليل وعرض المعلومات سواء أن كانت مقدمات أم نتائج ورغم أن أوجه التفاوت في الرأي التي تتعلق غالبا باتجاهات واهتمامات معينة قد تكون كثيرة أو قليلة بقدر لا يناسب موضوع الدراسة.فعند وصفنا لبحث مقال بأنه ذو منهج إقليمي فهذا يعني أنه يعالج الموضوع على ساس تصنيف إقليمي،وكذلك إذا قلنا أنه ذو منهج موضوعي فهو يعالج الموضوع الرئيسي في صورة مجمعة من الموضوعات الثانوية التي تتبعه وفي هذين المنهجين المعروفين يمكن أن نعطي أوصافا ثانوية فنقول منهج موضوعي بطريقة تحليلية أو منهج إقليمي بطريقة تحليلية. كما يمكن أن نعطي أوصافا أخرى تابعا لوسيلة البحث.وفي الجغرافية بصفة عامة و ج- إق من الصعب إتباع منهج واحد في كثير من الأحيان نظرا لتعدد الفروع فبعض الفروع يتطلب دراسة للجانب الطبيعي والبعض للتركيز على الجانب البشري بصوره أكثر بينما تتطلب بعض الموضوعات التركيز على شقين معا ونظرا لتعدد الفروع بالإضافة الى تنوع الطرق التي يمكن إتباعها يصبح من الصعب توحيد المنهج الذي يتبع و خاصة إذا وضعنا في الاعتبار نوع الدراسة ،هل هي بحثية أم كتب دراسية أم منهجية وكذلك في الدراسة الاقتصادية لا يمكننا تفضيل منهج على أخر فالموضوع الاقتصادي الواحد يمكن دراسته من زوايا كثيرة .
فهناك مواضيع من الأفضل دراستها في جانب معين بناء على منهج يبرز قيمة النشاط الاقتصادي في حد ذاته أو ضمن ترابط دولي أو إقليمي.
فالمنهج الإقليمي يوضح قيمة أقاليم العالم الإنتاجية بينما يركز المنهج المحصولي على المحصول محليا و دوليا وهذان المنهجان هما الأكثر شيوعا في الدراسات الاقتصادية. أما المنهج الحرفي فإنه يبدأ من نقطة انطلاق اقتصادية تاريخية موزعا أنواع الاقتصاد السائدة على العالم ثم يدرس الإنتاج على أسس محصولية .أما المنهجان الأصولي والوظيفي فلا يمثلان مناهج قائمة بذاتها في دراسة الجغرافية الإق بقدر كونهما أسس وقواعد الدراسة الإق يلتزم بها الدارسون في المعالجة الموضوعية لأنواع الأنشطة الإق وبعض الدارسين يتناولون الدراسة على أساس ذكر موارد الثروة الإق والسلع المختلفة كالقطن البن قصب السكر ...أو المواد المعدنية الفحم البترول ... بينما آخرون على أساس معرفة المقاومة الطبيعية والبشرية التي تؤثر في إنتاج الغلة الإق العالمية وأسبابها كمشكلة الغداء والسكن والطاقة وانقسم العالم الى تكتلات إق كالسوق الأوربية ومشاكل النقل العالمي.لذلك كان من الضروري نتيجة هذا التنوع في المواضيع أن تختلف طرق معالجتها ومناهج البحث فيها ومعظم الدراسات الحديثة تكاد تتفق على حصل مناهج البحث في الجغرافية الإق في المناهج التالية:
المنهج الإقليمي: يتمثل في دراسة الجغرافية الاقتصادية في خلال تقسيم العالم الى أقاليم اقتصادية تتم دراسة النشاط الاقتصادي والموارد الاقتصادية مجتمعة كلية داخل إطار هذه الأقاليم بشكل مفصل ودقيق.وتتحدد هذه الأقاليم بحدود طبيعية كالمناخ أو إحدى مظاهر السطح والتضاريس كالجبال أو الأنهار أو الصحاري أو البحار أو التركيب الجيولوجي للصخور وما تحويه من معادين أو الموقع وأثاره في تحديد المناطق التي تتموقعه .أو باستخدام عوامل بشرية كوحدة اللغة المشتركة أو عقيدة دينية مشتركة أو عرف خاص أو مذهب سياسي و اقتصادي مشترك أو كثافة سكانية معينة أو نظام جمركي موحد أو قيام سوق مشتركة وقد يعتمد تحليل الإقليم على نوع النشاط الاقتصادي السائد كالزراعة الصناعة ومن الأمثلة على ما يمكن اعتباره إقليما اقتصاديا يمكن دراسته كالإقليم الذي ينتج القمح والقطن و- م (الحوز سوس دكالة ) أو الأقاليم المدارية أو دراسة الدولة معينة أو قارة من القارات وكثيرا ما نجد تدخلا بين العوامل الطبيعية و البشرية مما يؤدي الى صعوبة تحديد الأقاليم على أساس واحد كما أن هذا التقسيم الإقليمي قد يأتي ناقصا ويفتقر الى الوضوح بسب طبيعة الحدود المستخدمة ذاتها والتي تتميز بعدم التابث وعدم الوضح في كثير من الأحيان فالحدود الطبيعية لا تظهر كحدود فاصلة واضحة بل تأخذ شكل مناطق انتقالية وممتدة بين إقليم وآخر في أحيان كثيرة تجمع بين خصائص الإقليمين المحيطين بها خلافا لما هو عليه الحال بالنسبة للحدود البشرية التي تستخدم في تحديد الأقاليم والتي تتميز بدقتها ووضوحها في هذا المجال إلا أن هذه الحدود البشرية تتمثل في نفس الوقت بكونها أقل تباثا واستمرار من الحدود الطبيعية فالحدود السياسية قد تزول عن طريق الاتفاق على توحيد دولتين كما أن التعريفة الجمر وكية التي تفصل بين مناطق الحدود في دولتين قد تتغير أو تختفي و الفرق في المستوى المعيشي و الثقافي قد يختفي بين الدول المتقدمة و أخرى نامية أو يقل فتتقارب هذه الدول فيما بينها و الملاحظ أن معظم الكتاب متفقين على تقسيم العالم الى أقاليم اقتصادية و لاشك في أن هذا المنهج يعطي الباحث قيمة حقيقية للإقليم الذي يدرسه فهو يوضح التشابك الاقتصادي في الأقاليم مبينا أوجه تكامله و جوانب النقص فيه بشكل لا يمكن لأي منهج أخر تحقيقه كما يبدو استخدام هذا المنهج أكثر ملائما عندما تنصب الدراسة على التكتلات الاقتصادية في العالم ادا أخدنا هذه التكتلات على أنها وحدات سياسية تتدخل و تترابط فيها الظروف الطبيعية و البشرية في إطار أقاليم اقتصادية يربط بينها تخطيط و سياسة إنتاجية و اقتصادية معينة دلك إن دراسة الإمكانيات الاقتصادية لمنطقة المغرب العربي أو الاتحاد السوفياتي أو الاتحاد الأوربي أو الولايات م . أ منطقة الخليج العربي يمكن أن نفهم من هذه السيمات نوع من البناء الاقتصادي .
المنهج الحرفي :
هو المنهج الذي يثناول الجغرافيا الاقتصادية عاى اساس حرفي متضمنا دراسة الحرف كل على حدا في ترتيب تاريخي من خلال دراسة الانشطة المختلفة ؛ الصيد البحري الصناعات الغاباة و هذا الامنهج يعتبر الاقرب الى دراسة الموارد الاقتصاجية منه الى اي شئ اخر حيث اننا في اطار هذا المنهج نقوم بدراسة الانشطة المختلفة ثم نقوم بدراسة جميع العلاقات الممكنة داخل كل نشاطمنها فندرس في نطاق الزراعة عوامل قيامها أنواع الزراعة اشهر البنيات الزراعية و اهم المحاصيل وتوزيعها العالمي ودورها في التجارة الدولية ولكن بشكل يختلف عن جراستنا لها وفق المنهج المحصولي دالك اننا في اطار المنهج الحرفي ندرس الزراعة في منطقة سوس مثلا فنتطرق في جميع ما يجور في هذه المنطقة من عملية انتاج زراعي اي اننا نجرس المحاصيل و الاقليم في اطار الحرفة و من اهم الامثلة على هذا المنهج نجد الكثير من الباحثين من بينهم الاستاذ بنجونز"الجغرافيا الاقتصادية و فيه يتناول الموضوع متتبعا هذا المنهج الحرفي بجاية الصيج البري و البحري .ثم الحرف المرتبط بالغابات وصناعة الاخشاب و الحرف المرتبطة بالرعي القديم والحديث ثم حرفة الزراعة تليها حرفة التعدين و اخيرا التجارة و النقل و في اطار دراسة الحرفة يتطرق الكاتب الى تطورات تكنولوجية التي ادخلت على الحرف منذ ان عرفها الانسان الى يومنا هذا مثل ما تم لحرفة الصيذ البذائي ثم الصيذ الحذيث و في الزراعة يذرس الزراعة البذائية من اساليب قذيمة و الزراعة من اجل الاكتفاء الداتي و الزراعة التي يتذاخل العامل التجاري حيث يخصص الزراعة التجارية فصلين كبيرين اولهما الزراعة التجارية في الاقليم المذاري ثم زراعة محاصيل اخرى تجارية و ذاخل كل فصل منهما يتم ذراسة كل محصول بشكل منعزل .
المنهج الاصولي:
يقوم هده المنهج على ذراسة التركيبة الاقتصاذية و الانتاج و العوامل المؤترة فيه طبيعيا و بشريا و ما يرتبط بدالك من قوانين و قواعذ و أصول تحكم فيه أو القوانين التي توجه الإنتاج الزراعي أو المعذني أو الصناعي ذلك أن القانون الأول الدي يجب أن يعرفه ذارس الجغرافية الإقتصاذية هو أن ظروف البنية الطبيعية من موقع و سطح و تربة و توزيع يانس و ماء و مناخ و نبات تضع حدودا واضحا عتى إمكانية السكنى و الإنتاج في مناطق العالم المختلفة أو أن سكنى إنسان معين أو إنتاج محصولمعين يقتضي توفر ظروف طبيعية معينة إذا حولنا تطبيقها على جهات العالم امكان تحديد المناطق التي يمكن للإنسان أن يستفر بها أو لهذه الغلة أن تنتج فيه و أمكن عندئد حدف المناطق غير الصالحة و نفس الشيء يمكن قوله عن العوامل النشرية التي تحدد السكنى و الإنتاج في مناطق دون الأخرى حتى ولو تشابهت في ظروفها الطبيعية و نفس الشىء يمكن تطبيقه على الإنتاج التعديني أو الصناعي حيث نحدد مجموعة من القوانين التي تتحكم في الإنتاج ثم بعد ذلك عملية تطبيفق كل منها على إنتاج المعادن المختلفة و أنواع النشاط الصناعي و قد تم تطبيق هذا المنهج من طرف بعض الباحثين على دراسة الإنتاج التعديني أو الصناعي مبينا أن الحالة التي يوجد عليها المعادن و طبيعتها تلعب دورا أساسيا في تحديد طريقة الإستغلال بالأبار العميقة أو المناجم المكشوفة أو غير دلك من ظروف التعدين ألأمر الذي يحدد اقتصادية الانتاج من خلال تحديد تكاليف الانتاج و حجمه و مدة عمره و شكل الاستقرار البشري في منطقة الانتاج .
المنهج الوظيفي:
يعتبر هذا المنهج من أحدت المناهج في الدراسة الجغرافية و على وجه الخصوص في جراسة الجغرافية الاقتصادية و يتمثل هدا في دراسة التركيب الوظيفي لنظام الاقتصادي السائد و هو يحتاج الى دراسات كتيرة و متعددة و كونه اكتر المعيارات حسابية في حالة الدولة الاقتصادية و الاكثر عرضة للتطور .
و يتكون التركيب الوظيفي لأي نشاط اقتصادي من ثلاثة عناصر هي :وحدة الانتاج و أدوات الانتاج و مستوى اليد العاملة . فقد تكون وحدة الانتاج صغيرة أو جملة وحدات تابعة لمالك واحد أو وحدة كبيرة المساحة وتختلف الوظيفة الانتاجية تبعا للتطور التاريخي و الاختلاف المكاني. فقد تكون الدولة هي الملكة لكل الاراضي , و قد تكون الملكية جماعية و قد يكون الارض مقسما بين المالك و المستأجر أو المشاركة حسب العمل و أدوات الانتاج . وفيما يتعلق بأدوات الانتاج من حيث المستوى فهده تتراوح بين البسيطة و المتقدمة فالألات البسيطة تستخدم في المزارع الصغيرة بينما توجد الالات في المزارع الكبيرة المتقدمة التي تتعدد فيها وظائف الانتاج . فقد يكون الانتاج للاستهلاك المحلي ,و قد يكون لتصدير نحو الخارج ( فلاحة تسويقية ) كما قد يكون انتاج مختلط يجمع بين المحاصيل الزراعية و الانتاج الحيواني .
أما عن مستوى اليد العاملة فهدا يختلف فهناك العمال البدويون و هناك التجمعات النقابية والتنظيمات التعاونية و اليد العاملة المتخصصة في نوع معين تخضع لنوع النشاط الاقتصادي السائد وتهتم الدراسة الوظيفية بأسواق التصريف و تحديد الظهير الزراعي للمدن الكبرى و الحركة اليومية للعمل ثم تحديد دور الإنتاج في بناء الاقتصاد القومي و التجارة الدولية للمنتجات و كما يطبق دلك في الزراعة يمكن تطبيقه في الصناعة .هل هي صناعة يدوية متقدمة ؟ وما دور الصناعة في الدخل القومي ؟ و هل هي منشآت فردية أو اجتماعية أم حكومية ؟
المنهج المحصولي : هو الذي يهتم بمحصول معين من الإنتاج والتسويق لكن داخل إقليم معين ( إقليم اقتصادي ) الغرب (الشمندر) تادلة (القطن ) سوس (الحوامض ) .
Enregistrer un commentaire